”قال يا مقال”
محمد إمام يكتب .. ”صحافة التريند والجنازات”
ظاهرة دخيلة علي الصحافة المصرية وللأسف الشديد تسيئ الي تاريخ صاحبة الجلالة بتاريخها العريق ورموزها العظام وقاماتها وشيوخها الأجلاء علي مر التاريخ, شهدائها علي مر العصور, سطروا بعرقهم ودمائهم الطاهرة قصصاً خالدة وتاريخاً مشرفاً نعيش علي أثره وطيب ذكراه, ولكن ما يحدث الأن علي الساحة المهنية لا يمت لمهنة المتاعب بأي صلة, بداية من صحافة التريند والتهافت والتكالب علي رموز العفن والعهر المجتمعي, لتحقيق مشاهدات وركوب التريند, بغض النظر عن المحتوي الذي تقدمه, بداية من "الزبال المطرود" الذي بات مقرراُ لحظيا علينا في جميع المواقع والتيك توك والقنوات, وأبو عضل صاحب أكبر زراع, وبيج ياسمين, وصاحب أطول شعر في مصر, وانتش وأجري, "صاحب أعظم موهبة لإخراج أصوات من مناخيره", وغيرها من الأمثلة المشينة.
أما النوع الثاني وهي صحافة الجنازات والأفراح, والتكالب وراء المشاهير والفنانين أثناء تشييع الجثامين أو داخل سرادقات العزاء وصالات الأفراح, بشكل مهين وأسئلة أقل ما توصف بالسطحية لتحقيق سبق مخز لصاحبه والجريدة أو الموقع الذي يعمل به وللصحافة بشكل عام, ونتيجة طبيعية للتراجع الكبير في قيمة ورسالة والهدف العظيم لمهنة الصحافة, في كشف الحقائق ونشر المعلومات ونقل الأخبار أولًا بأول, إضافة الي جمع وتحليل الأخبار والآراء والتحقق من مصداقيتها وعرض مشاكل المجتمعات وتقديم التصورات والحلول, لخدمة المجتمع والمشاركة في مسيرة البناء والتنمية, والوقوف خلف الدولة في ظل الأزمات الإقتصادية والحروب التي تجتاح العالم والأطماع في ثروات ومقدرات الدول, بات الصحفي بلا قيمة أو كرامة, ضاعت هيبته وتلاشت رسالته, وتحولت الصحافة الي مهنة من لا مهنة له, بعد السماح بدخول من لا يستحق, نتيجة "الواسطة والمحسوبية" وغياب تام للمعايير, وغيرها من الأسباب.
وبفعل فاعل تحولت مواقع الصحافة الصفراء الي اللهث وراء التريند الملعون لتتجرد من أبسط معاني الموضوعية, خلعت عباءة المهنية والرسالة المقدسة لمهنة سامية, تحولت الي أبواق مدفوعة الأجر يحكم قوانيها التريند ويحدد ملامحها كل ما هو غريب وشاذ عن القاعدة, تتحكم بها "المشاهدات والفيو" دون النظر للمصلحة العامة للوطن, لتضيع معها كرامة وهيبة الصحفي وقدسية المهنة, ولا عزاء لميثاق الشرف المهني الذي ضاع وسيضيع طالما لم يكن هناك رادعاً لتلك النوعية الدخيلة علي المهنة, لذا نطالب نقابة الصحفيين بوضع حد لتلك الإنتهاكات وإعادة الأمور لنصابها الطبيعي والحفاظ علي هيبة المهنة, قبل فوات الأوان, وتغليظ العقوبات علي المخالفين والدخلاء, ووضع معايير ملزمة لإختيار صحفي مؤهل وقادر علي إستكمال مسيرة العظماء, ليبقي دائما الصحفي مصان, مهيب, قادر علي أداء رسالته بكل إحترام ووعي, وتعود سفينة المهنة قادرة علي حمل رسالة الحفاظ علي الوطن والمواطن ولسان حال البسطاء, وتصل بهم بر الأمان .. والله من وراء القصد.
بقلم : محمد إمام