" قـال يا مـقال "
” الموت ” لسماسرة الموت
بقلم : محمد إمام
الهجرة غير الشرعية مسلسل لا تنتهي حلقاته أبطاله سماسرة الموت وضحاياه أرواح الشباب الأبرياء .. تلك الظاهرة باتت كابوسا مخيفا وقنبلة موقوتة تهدد المجتمع وتشكل خطرًا على الوضع الاقتصادي والأمني للبلاد .. وأصبح من الطبيعي أن نستيقظ يوميا علي غرق مئات البسطاء الذين وضعوا أحلامهم علي مراكب متهالكة أملا في الحصول علي حياة كريمة ولكنها للأسف نقلتهم للموت في عرض البحر ,.
أستيقظ الشعب المصري منذ عدة أيام علي كارثة غرق احدي المراكب بمنطقة شمال شرق بوغاز رشيد على بعد 12 كم تقريبًا من البوغاز وسواحل كفر الشيخ، كانت تقل على متنها أكثر من400شخص في محاولة للهجرة بطريقة غير شرعية , , تم انتشال 204 جثث بمستشفيات البحيرة والإسكندرية وكفر الشيخ حتي الآن , وحينما تستمع إلي روايات الناجين من الغرق بداية من تخزينهم بمزرعة دواجن لأيام قبل السفر تمهيدا لنقلهم إلي مركب صيد متهالكة لا تصلح لحمل المئات من الشباب والسير بهم داخل المياه لمئات الكيلو مترات ووصولا إلي تخزينهم داخل ثلاجة السمك بالمركب التي لم تستطع الصمود أمام الحمولة الكارثية والأعداد الكبيرة وغرقت في عرض البحر,حاملة معها أحلام وطموحات بائسة ويائسة لشباب وأطفال ونساء تناثرت جثثهم لتغطي مياه البحر ومازال البحث مستمرا لانتشال مئات الجثث التي ما زالت عالقة داخل المركب إلي الآن .
لجوء الشباب إلي مراكب الموت جاء نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة وضيق ذات اليد والغلاء الجنوني في كل شئ وندرة فرص العمل , وأكدت الأبحاث أن أغلب المحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية خارج حسابات الحكومة " مش علي الخريطة " بداية من غياب الخدمات والمرافق وتفشي الجهل والبطالة وانعدام أبسط مقومات الحياة الآدمية, وأوضحت أن ليبيا تمثل منطقة جذب للهجرة غير الشرعية للوصول إلي أوربا ، عن طريق قطع البحر في اتجاه جزيرة لامبيدوزا، التي تقع بين مالطا وتونس وتتبع إيطاليا إداريًا وبحسب إحصائيات المنظمة الدولية للهجرة في ختام عام 2012, يقصدها ما يقرب من مليون مهاجر من مصر والوطن العربي .
والسؤال الذي يطرح نفسه أين دور أجهزة الدولة ممثلة في وزارة الهجرة ولجنة مكافحة الهجرة غير الشرعية والقوي العاملة في القضاء علي أسباب الكارثة من الجذور ؟ هل أكتفت الدولة بالشعارات الرنانة بتوفير فرص عمل للشباب وتنمية الفري المصدرة للهجرة بمحافظات مصر ؟ أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات .
.. لابد وأن نواجه الكارثة بشجاعة بداية من الاعتراف بها ومرورا بتحديد الأسباب والدوافع ووصولا لوضع تصورات عاجلة وخطط قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل للقضاء عليها , علاوة علي حصر فوري للقرى والنجوع بالمحافظات المصدرة للهجرة غير الشرعية وعمل تنمية فورية بها بإنشاء مصانع وإعادة تأهيل للشباب وتشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بقروض بدون فوائد بالتزامن مع حملات توعية بمشاركة جميع أجهزة الدولة , وتغليظ العقوبات علي سماسرة الموت تصل إلي الإعدام للمتاجرين بأحلام الشباب وأرواحهم ..