" قال يا مقال "
” أنت عارف بتكلم مين !! ”
بقلم : محمد إمام
" أنت عارف بتكلم مين " مقولة شهيرة في مجتمعنا تجدها علي لسان " فلان وعلان " يستخدمها البعض في التعالي علي الآخرين ويستخدمها آخرون كجواز مرور من المواقف الصعبة و" الزنقات " في حين يراها البعض المنقذ والمنجي من المهالك في الزمن " الحالك " نسمعها في الشارع في المستشفي بأقسام الشرطة ولجان المرور , داخل السيارات والسوبر ماركت في المشاجرات والمشاحنات اليومية .
حاولت السينما قديما علاج تلك الآفة بعد أن تفشت في المجتمع وانتشرت بين الناس مقولات كثيرة أشهرها كلمة العسكري الغلبان في الشارع " هو أنا كل ما أجي أقبض على حد في البلد دي يقولي أنت عارف أنت بتكلم مين؟ لتبقي دائما وأبدا الأكثر استخداما وانتشارا بين كافة فئات وطوائف المجتمع المصري .
وحينما نحاول تفسير معني تلك الكلمات نجدها تفيد التعالي والكبر ومحاولة بائسة ويائسة لإثبات الذات وأن صاحبها من طبقة وشريحة مجتمعية أعلي وأحيانا تشير إلي السلطة والنفوذ والسلطان وأن قائلها قريب " فلان بيه " وعلان باشا " , أحيانا تجدي نفعا وتكون كلمة السر في فتح الأبواب المغلقة وتحول الجاني إلي ضحية والفاعل إلي مفعول به ,وتارة أخري لا تجني ثمارها وتكون نقمة علي قائلها وسامعها .
وإذا حاولنا التعمق أكثر في فهم وتحليل الكلمات الأربع " أنت عارف بتكلم مين " نجدها نتيجة طبيعية لغياب العدالة الاجتماعية في مصر والسياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة في التعامل مع حقوق المواطنين , وغياب المساواة في تطبيق القانون علي " الغني والفقير , الوزير والخفير " علي حد سواء باعتبارهم مواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات وبات لزاما أن يكون " مواطن وحاجة " بمعني مواطن وضابط , مواطن وقاضي , مواطن وصحفي , مواطن طبيب ومهندس .
ولكي نخرج من بوتقة " أنت عارف بتكلم مين " لابد وأن يشعر كل منا بقيمته وأن يعي الجميع أننا في قارب واحد , مجموعة تروس في آلة واحدة تساعد بعضها بعضا , لكل منا قيمته في المجتمع " الفلاح والعامل والطبيب ,المهندس والضابط , القاضي والمدرس , لابد وأن نسعي جاهدين لتحقيق العدالة الاجتماعية في أي شئ وكل شئ .. وعندما تختفي تلك المقولة من حياتنا فاعلموا أننا علي بداية الطريق الصحيح وأن حلم التحول إلي الدولة المتقدمة بات وشيكا وليس ببعيد .