”قـال يا مـقال”
محمد إمام يكتب .. ”مصر ليست التيك توك”
دائما وأبداً ستظل مصر عالية غالية في رباط الي يوم الدين, ستظل مصر حرة أبية عصية شامخة بأبنائها في شتي مجالات الحياة في العلوم والفنون الأدب والطب الرياضة ولكن في ظل التطور التكنولوجي والانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي، أصبح لدينا انطباع خاطئ عن تعريف المجتمعات والحضارات, يختصر أحياناً اسم مصر في مشاهد عابرة أو مقاطع على منصات مثل "تيك توك"، تظهِر جوانب قد تكون بعيدة كل البعد عن عمق وجوهر هذا البلد العظيم, ولكن الحقيقة الثابتة أن مصر التي جاءت قبل التاريخ بتاريخ, مصر الحضارة, مصر الي كرمها العلي القدير بذكرها في كتابه الكريم.
مصر أرض الكنانة التي أبهرت العالم بحضارتها وأهراماتها، وآثارها الخالدة التي تشهد على إبداع الإنسان منذ آلاف السنين, لا يمكن حصر مصر في إطار وسائل التواصل الاجتماعي أو في صور سطحية قد تنتزع من سياقها, فمصر هي التي خرجت من رحمها أعظم الشخصيات التي أثرت في مجالات الأدب، العلوم، والفنون، وهي التي حمت هويتها وثقافتها رغم كل التحديات, مصر هي أرض الإبداع والفكر, بلد أخرج لنا نجيب محفوظ، الأديب الحاصل على جائزة نوبل في الأدب والذي خلد بحروفه عبقرية الشارع المصري وواقعيته, مصر التي أنجبت أحمد زويل، العالم الكبير الذي غير مسار العلوم بفوزه بجائزة نوبل في الكيمياء, وهي أيضاً بلد الدكتور علي مصطفى مشرفة، رائد الفيزياء النظرية وأحد العقول النادرة التي ساهمت في النهضة العلمية في العالم, ولا ننسى البروفيسور مجدي يعقوب، القلب الكبير الذي أصبح رمزاً للإنسانية والعطاء، جراح القلب العالمي الذي ساهم في إنقاذ آلاف الأرواح, هؤلاء ليسوا مجرد أسماء، بل رموز لوجه مصر الحقيقي، وجه العلم والإبداع.
وفي مجال الفن، مصر هي الأرض التي أنجبت كوكب الشرق أم كلثوم، التي تجاوز صوتها حدود الزمان والمكان لتصبح رمزاً للأصالة, هي التي أعطت للعالم عبد الحليم حافظ، الذي ما زالت أغانيه تتردد في القلوب رغم مرور العقود, مصر السينما والمسرح والموسيقى التي أثرت في وجدان الشعوب العربية وساهمت في تشكيل الهوية الثقافية للمنطقة بأكملها.
وحين نتحدث عن مصر، لا يمكن أن نتجاهل دورها في الدفاع عن كرامة الأمة, جيش مصر العظيم كان ولا يزال الدرع الحامي لهذه الأمة، وهو الذي صنع البطولات وحقق الانتصارات على مر التاريخ, لكن العظمة لا تتوقف عند حدود الجيش، بل تمتد إلى الشعب المصري الأصيل الذي يتميز بطيبته وشجاعته وحبه للوطن, عاداته وتقاليده، هو حجر الأساس في بناء هذا الوطن الكبير, من الفلاح الذي يزرع الأرض إلى العامل الذي يبني بيديه، الكل يساهم في رسم صورة مصر العظيمة.
مصر ليست مجرد مقاطع عابرة على وسائل التواصل، مصر ليست الشخصيات الكرتونية علي التيك توك ليست فئة البلطجية ولا هواة التعري "وكبسوا كبسوا" لنيل رضاء الداعمين, بل هي قصة حضارة تمتد لآلاف السنين, مصر هي التي ألهمت العالم بفكرها وفنها وإنسانيتها, لذا علينا أن نتمسك بالصورة الحقيقية لهذا البلد العظيم، وأن ندرك أن مصر لا يمكن اختزالها في تيك توك أو أي منصة أخرى, مصر الحضارة التاريخ والمستقبل.
بقلم : محمد إمام