”قـال يا مـقال”
محمد إمام يكتب .. ”رب ضارة نافعة”

لطالما كانت المحن والضغوطات تضع الشعوب أمام اختبارات حقيقية تكشف معادنها، ومصر ليست استثناء من هذه القاعدة, فرغم التحديات الاقتصادية ومحاولات التشكيك ونشر الشائعات، شهدت مصر في الآونة الأخيرة حالة من الالتفاف الشعبي غير المسبوق حول القيادة السياسية، في مشهد يعكس وعياً حقيقياً يتزايد بحجم المخاطر التي تحيط بالمنطقة.
لقد تعرضت مصر لضغوط سياسية واقتصادية مكثفة بسبب موقفها الثابت والرافض للعدوان الاسرائيلي الغاشم وحرب الإبادة التي تمارس علي الشعب الفلسطيني ومن بعدها موقف مصر الرافض لتهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى سيناء, هذا الرفض لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل كان تعبيراً عن التزام مصري أصيل بثوابت الأمن القومي وحقوق الشعوب في أوطانها, ورغم المحاولات الخارجية لإجبار مصر على تقديم تنازلات، إلا أن الرئيس السيسي اتخذ موقفاً صلباً، واضعا المصلحة الوطنية والقومية فوق أي حسابات أخرى.
المثير في الأمر، أن تلك الضغوطات لم تؤدي إلى انقسام داخلي كما كان يأمل المغرضون، بل جاءت بنتيجة عكسية تماما، حيث ازداد الوعي الشعبي بحجم المؤامرات التي تحاك ضد الدول العربية بشكل عام ومصر بشكل خاص، وبات المواطن المصري أكثر إدراكا للأهداف الخفية وراء هذه المخططات, فقد أصبحت الرسائل الإعلامية المضللة التي تستهدف زعزعة الثقة في الدولة أقل تأثيرا، بعدما أدرك الشارع المصري أن هناك جهات تسعى لاستغلال الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لإحداث شرخ بين القيادة والشعب هدفها اسقاط الدولة ولنا في دول الجوار ألف عبرة.
ورغم أن محاولات التشكيك لم تكن جديدة وهناك محاولات مستميتة من الغرب لهدم الدولة وزعزعة الاستقرار, لكنها أخذت منحى أكثر شراسة خلال الفترة الأخيرة، مستغلة الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها المواطن المصري, غير أن أن الشعب المصري أثبت بحق أنه قادر على قراءة المشهد بدقة، ويدرك أن هذه الأزمة ليست محلية فحسب، بل هي جزء من تحديات عالمية وإقليمية, وعلى الرغم من المتاعب الاقتصادية، فإن المصريين كانوا على مستوى الحدث، وأظهروا دعما متزايدا لوطنهم، انطلاقا من قناعة تامة بأن ما تمر به البلاد هو نتيجة لصراعات أكبر تستهدف المنطقة بأكملها.
كما أن زيادة شعبية الرئيس السيسي لم تكن وليدة الخطاب الإعلامي أو الدعاية، بل جاءت نتيجة مباشرة لمواقفه الثابتة التي لامست وجدان الشعب المصري, فقد أثبت بما لا يدع مجالا للشك أنه لا يساوم على الثوابت الوطنية، وأنه يضع مصلحة البلاد فوق أي إغراءات أو ضغوطات, وهذا ما جعل قطاعا واسعا من المصريين يلتفون حوله، رافضين أي محاولات للتشكيك أو زرع الفتنة.
إن ما حدث يؤكد أن الشعب المصري ليس سهل الاختراق، وأن وعيه الجمعي قادر على التمييز بين الحقيقة والافتراء، وبين النقد البناء ومحاولات الهدم الممنهجة, وإذا كان هناك من ظن أن الأزمة الاقتصادية ستكون أداة لزعزعة الاستقرار، فقد جاءت النتيجة مخالفة تماما، حيث خرج الشعب أكثر وعيا، وأكثر التفافا حول قيادته، وأكثر تصميما على مواجهة التحديات, وحقا ربّ ضارة نافعة، فقد جاءت هذه الضغوطات لتؤكد مرة أخرى أن مصر قوية بشعبها، وأن وعي المصريين هو الحصن الحقيقي في وجه أي مخططات تستهدف النيل من أمنهم واستقرارهم.. حفظ الله مصر
بقلم محمد إمام