قـال يا مقـال
”التعليم وبناء الإنسان”
بقلم : محمد إمام
رغم المجهودات التي تبذلها الدولة, ممثلة في وزارة التربية والتعليم لمحاربة غول الدروس الخصوصية ومافيا "السناتر" المنتشرة في جميع المحافظات, ورغم تغليظ العقوبات واعتبارها جريمة فى قانون التعليم الجديد، واعتزام الوزارة تقديم مشروع قانون لمجلس النواب، يجرمها ويضع عقوبات رادعة، منها حبس المعلم حال ضبطه يعطي دروسًا خصوصية بعيدًا عن إشراف الوزارة, إلا أن الوضع كما هو عليه ومافيا الدروس الخصوصية ما زالت تعيث في الأرض فساداً.
وباتت "السناتر" إقتصاد موازي للدولة, وخاصة بعد ارتفاع أسعار الحصص ولوازمها من حجز "الكراسي"وسعر"الملازم” وكله "بتمنه", ومع محاولات الدولة لمحاربة تلك الظاهرة إلا أنها حتي الآن لم تجن ثمارها وازدات أعداد السناتر بشكل كبير, وباتت تمثل خطرا حقيقيا علي المنظومة التعليمية, حيث أصبحت معظم المدارس خاوية علي عروشها وخاصة في مراحل الاعدادية والثانوية العامة, ورفعت معها السناتر شعارات إمبراطور الفيزياء..وابن حيان الكيمياء وأرسطو الفلسفة.. وأصبح الأب فريسة بين مطرقة الغلاء وسندان السناتر"ليس أمامه بديل للحفاظ علي مستقبل فلذت أكبداه.
لماذا تحول المدرس الي "تاجر"؟ فقد آدميته بمحض إرادته واستغني طواعية عن قدسية رسالته السامية؟ فقد هيبته وكرامته, وسقط من مرتبة الرسل والأنبياء الي مستنقع المال, وتحولت يده للأسفل بعد أن تحول الي "ديلفري" "دخل البيت وأكل الكيك وشرب الشاى", كتبت حينها شهادة وفاته ولم يصبح رسولا للعلم كما وصفه أمير الشعراء أحمد شوقي.
نعم, لا إصلاح فى مصر بدون إصلاح التعليم, ولكن أين التعليم بدون معلم حقيقي, قدوة لطلابه, يقوم بدوره الأصيل في التربية قبل التعليم معلم أجيال يستطيع أن يرسخ في النشء القيم الأخلاقية والتعاليم الدينية الوسطية السمحة, علينا بإعادة الأمور الي نصابها الطبيعي, علي الدولة مراعاة البعد الإقتصادي والمعيشي للمدرس مع وضع ضوابط وتغليظ العقوبات علي المخالفين, حتي تعود المدارس من جديد للتربية والتعليم, وحينها سيجد أولياء الأمور ضالتهم المنشودة في المدرسة, وسنجد في الأجيال القادمة الطبيب الإنسان, المهندس الإنسان, الصحفي الإنسان, الضابط الإنسان, لأن الأستثمار الحقيقي هو بناء الإنسان.