"قال يا مقال"
”وقتل قاتل من أهلها”
بقلم : محمد إمام
لا شك أن "القتل الأسري" ظاهرة دخيلة علي المجتمع المصري,الذي دائما ما يوصف أنه "مؤمنبالفطرة", الأب يواصل الليل بالنهار لإسعاد أسرته وأولاده وتوفير إحتياجاتهم الضرورية, والأم التي تسهر علي راحتهم ورعايتهم, ولكن ما يحدث الآن من جرائم تقشعر لها الأبدان يكون بطلها هو الأب أو الأم, وأي كانت الأسباب والدوافع, إقتصادية أو نفسية, تكون النتيجة مخيفة وهي جثث فلذات أكبادنا.
ما وصلنا اليه الآن من تدني أخلاقي وانحدار جاء نتيجة قيم مغلوطة وثقافات جديدة وتغيرات شخصية ومجتمعية وإقتصادية, إضافة الي غياب الوازع الديني, فما تطالعنا به الصحف والمواقع الإخبارية في الأونة الأخيرة من حالات "قتل أسري" يندي لها الجبين ما هي إلا نتيجة لتلك المتغيرات, أب يقتل أبناءه لعدم قدرته علي الإنفاق, وأم تذبح أطفالها, جثث في عمر الزهور ملقاة في القمامة وأسفل الكباري أو غرقي داخل الترع والمصارف.
ومن أشهر الحوادث التي هزت الشارع المصري, اتهام أب بإلقاء طفليه في النيل، وسائق توك توك يضع السم لأولاده الأربعة وزوجته ثم ينتحر، وأم تتخلص من جثث أطفالها الثلاثة بعد موتهم حرقا، بإلقائهم في أحد شوارع الهرم والتي عرفت بمذبحة المريوطية, وزوج يقتل أولاده الأربعة ثم ينتحر في القليوبية, جميعها كانت لأب تجرد من آدميته وأم ماتت إنسانيتها.
أري أن مشاركة الدولة باتت ضرورة ملحة, لابد من وجود إستراتيجية عامة لإعادة صياغة الإنسان قيميا وثقافيا وأخلاقيا بشكل يواكب المتغيرات الشخصية والمجتمعية والتكنولوجية, إضافة الي ايجاد حلول فورية للظروف الإقتصادية الطاحنة والإرتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات, وضبط الأسواق لحماية البسطاء, والعمل علي تجديد الخطاب الديني والعودة للوسطية والسماحة لمواجهة الفكر المتشدد, وتفعيل دور مكاتب الإرشاد الأسري, علاوة علي اعادة النظر في دور الفن الراقي ورسالة الثقافة لما يمثلانه من قوة ناعمة تسمو بالمشاعر والأخلاق.