فساد الأسرة الحاكمة فى قطر.. عمولات بمليارات الريالات والدولارات لترسية العطاءات والمناقصات و الصفقات المخالفة
خلال الشهور الماضية، توالت الفضائح القطرية، وأنباء الفساد المالى، التى بدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعى يتداولونها على استحياء أولا بنبأ اعتقال رجل الأعمال السورى الحاصل على الجنسية القطرية «محمد معتز رسلان الخياط» بتهمة الفساد، ثم تتابعت الأنباء والمستندات الممهورة بالتوقيعات والأختام القطرية الرسمية لتكشف أكبر فضيحة فساد بمليارات الدولارات والريالات، تورط فيها عدد من كبار مساعدى الشيخة موزة ورجالها الأوفياء بالقصر الأميرى فى الدوحة.
الغريب فى تفاصيل فضيحة الفساد الكبرى أن بطلها هو رجل أعمال مدلل وسط حاشية الشيخة موزة، هى التى قربته منها وهى التى أمرت بمنحه الجنسية القطرية وهى أيضا من أصدر الأمر للأجهزة الرسمية بإصدار أوامر اعتقاله بواسطة عناصر المخابرات القطرية والتحقيق معه صوريا بعد انكشاف شبكة معاملاته المالية التى تتجاوز مئات المليارات من الريالات.
لا حديث على مواقع التواصل الاجتماعى حول قطر والعائلة الحاكمة أو عن دور وسلطة الشيخة موزة، إلا ويتطرق لأسباب الإطاحة بالمدلل «معتز الخياط»، رئيس مجلس إدارة شركة أورباكون للتجارة والمقاولات، والذى يمتلك ويترأس أكثر من 14 شركة ومؤسسة منها «الخياط للتجارة والمقاولات» و»كريدو التجارية» ومجموعة بالما للضيافة»، خاصة أن معتز الخياط من أبرز الشخصيات المقربة جدا من الأسرة الحاكمة، وأن اعتقاله تم من على متن يخته الخاص، حيث كان يقيم حفل عشاء لعدد من أصدقائه.
العائلة الحاكمة التى تتكون من الأمير الوالد، والشيخة الأم والأمير الابن الذين يحكمون نحو ثلاثمائة ألف مواطن وما يزيد على مليونى وافد أجنبى ويتحكمون بمئات المليارات من الدولارات يديرونها فى صناعة وهم الدولة المؤثرة بالمنطقة من خلال تمويل الصراعات والحروب الأهلية وتجارة الغاز.
الأمير الوالد أو كما يحلو له أن يسمى نفسه هنا فى الأوساط الإعلامية الرسمية، بالأمير السابق حمد بن خليفة آل ثانى، والشيخة موزة الحاكم الفعلى للبلاد، الآمر الناهى، صاحبة العلاقات المتشعبة مع كثير من الحكام السابقين والحاليين فى العالم، والمتحكمة فى معظم الأرصدة القطرية، وبطلة الكثير من وقائع الفساد والإفساد، لعل أهمها الرشوة الكبرى للحصول على حق تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022، وقضية الفساد التى تفجرت مؤخرا وبطلها رجل الأعمال السورى معتز رسلان الخياط، والحاصل على الجنسية القطرية لتسهيل أعمال العائلة الحاكمة.
أما الأمير الابن أو تميم بن حمد بن خليفة آل ثانى، فقد جاء تصعيده لتولى الحكم بديلا لأبيه حمد بن خليفة، تنفيذا لرغبة الشيخة موزة الآمرة فى القصر الأميرى، التى استطاعت الإطاحة ببطلى الانقلاب على الأمير الجد الشيخ خليفة آل ثان، بضربات متتابعة، وتكوين حاشية كبيرة من السياسيين ورجال الأعمال الأجانب، وسرعان ما تم تجنيسهم لتسهيل تنفيذها لمخططاتها بالسيطرة على مراكز الاقتصاد وصناعة القرار فى البلاد.
كانت أولى ضربات الشيخة موزة الكبرى، الإطاحة بمنافسها اللدود فى السيطرة على الصناديق والأرصدة القطرية حمد بن جاسم بن جبر آل ثانى، الرجل الثانى فى انقلاب 1995 الذى تولى لسنوات طويلة رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية، ونجحت فى إزاحته عن مناصبه السياسية كلها فى عام 2013 فى خطوة وصفها خبراء بأنها تمهيد للسيطرة المطلقة على الحكم، ثم أتبعتها بالخطوة الكبرى بأن دفعت زوجها حمد بن خليفة للتنازل لابنها تميم عن الحكم، فى خطوة، مازالت تثير فضول الباحثين عما يجرى داخل أروقة القصر الأميرى فى الدوحة، ظاهرها تداول السلطة وباطنها إظهار المهيمن على الأمور فى أموال وقرارات وتحولات قطر الصغيرة.
لم يكن صعود الشيخة موزة مجانا ولا بريئا أو تلقائيا، ولكنه كان مدفوعا ومحكوما بشبكة علاقات القوى المسيطرة على كل مراكز الاقتصاد والسياسة، وكانت هذه القوى دائما ما تبدو غامضة ومختبئة تحت السطح الرسمى، مثل جبل جليد من العلاقات المشبوهة والفاسدة لا يتحدث عنه أحد، خوفا ورعبا من المصير الوحيد المظلم.. الموت أو السجن المؤيد أو الاختفاء القسرى أو فقدان كل شىء الوظيفة والدخل والتأمين ثم الموت جوعا، هذا إذا كان الحظ مواتيا!
مصادر مقربة من معتز الخياط سربت نبأ اعتقاله، كما سربت اللحظات الأخيرة قبل القبض عليه، عندما أعلن تبرمه وضيقه من طمع الأسرة الحاكمة القطرية التى تسند إلى شركاته عقود المشروعات الضخمة بالأمر المباشر نظير نسب محددة، بعد أن طالبت العائلة الحاكمة بمضاعفة النسبة التى تحصل عليها نظير إسناد المشروعات إلى شركاته وتشغيل وحماية أعماله وأمواله فى قطر.