الإثنين 28 أبريل 2025 07:08 مـ 29 شوال 1446 هـ
أي خبر
رئيس مجلس الإدارة شريف إدريس رئيس التحرير محمد حسن
×

”قال يا مقال”

الكاتب الصحفي محمد إمام يكتب .. ”إحنا رايحين على فين؟”

الإثنين 28 أبريل 2025 01:28 مـ 29 شوال 1446 هـ
الكاتب الصحفي محمد إمام
الكاتب الصحفي محمد إمام

في زمن تبدلت فيه المفاهيم، وانقلبت فيه الموازين، نجد أنفسنا مضطرين لطرح السؤال الصعب والموجع: إحنا رايحين على فين؟ بعد أن أصبح الفن، الذي طالما كان مرآة الشعوب ووسيلة للرقي والارتقاء، أداة لتشويه القيم، وإثارة الفتن، ونشر الابتذال، تحت مسمى "الحرية" و"الإبداع".

ما شهدناه مؤخرا من حالة انفلات فني وأخلاقي يثير القلق والاشمئزاز، ويستدعي دق ناقوس الخطر، فظهور بعض الفنانين والمغنين بملابس نسائية شفافة، أو أخرى أشبه ببدل الرقص، كما حدث مؤخرا مع الفنان محمد رمضان في إحدى حفلاته بأمريكا، ليس سوى استفزاز فج لمشاعر المجتمع المصري والعربي، واعتداء صريح على رجولته وهويته وثقافته، أم أنها باتت الطريقة السهلة لركوب الترند واستجداء السوشيال ميديا لإحداث حالة من اللغط في الشارع المصري والعربي وتصدر صفحات التواصل الاجتماعي.

الأخطر من ذلك أن أحدهم ارتدى ملابس مسيئة وأقحم العلم المصري في هذه الإطلالة، في مشهد عبثي لا يمكن وصفه إلا بالإهانة المتعمدة لرمز الدولة ومكانتها. العلم الذي مات لأجله آلاف الشهداء، لا يجب أن يُستخدم كخلفية لعرض محتوى متدنٍّ يخلو من الذوق والاحترام.

ما يحدث ليس مجرد خروج عن النص، بل هو خروج عن حدود الأخلاق، وتجاوز فجّ للقيم الراسخة في وجدان الشعب المصري. ولا يصح أبدًا أن يُبرر هذا الانحدار باسم "الفن"، لأن الفن الحقيقي رسالة نبيلة تسمو بالروح، وتعبر عن وجدان الأمة، وتحترم عقول المتلقين، أما ما نراه اليوم، فلا علاقة له بالفن، وإنما هو ترويج للفسق والفجور والانحلال، وهو أخطر من أي سلاح يمكن أن يهدد أمن واستقرار المجتمع.

تلك التصرفات ليست فقط إساءة للفن، بل إساءة لمصر في الداخل والخارج، وتشويه لصورة شعب عُرف دائمًا بالمروءة والنخوة والاحترام، فكيف نقبل أن يقدم الفن المصري في المحافل الدولية على هذا النحو المبتذل؟ وكيف نغض الطرف عن تصرفات تهدم أكثر مما تبني، وتفسد الذوق العام وتؤثر في أجيال تنشأ على ما تراه وتسمعه؟

المسئولية هنا مشتركة تبدأ من الفنان نفسه، وتمر عبر وسائل الإعلام، وتنتهي عند أجهزة الرقابة والمؤسسات الثقافية والدينية، لا بد من وقفة جادة لإعادة تقييم ما يقدم باسم الفن، وتحديد المعايير التي تحافظ على قيمنا وهويتنا، دون مصادرة على حرية التعبير، ولكن في إطار من الاحترام والمسئولية.

إننا في لحظة فارقة تتطلب منا جميعا أن نراجع أنفسنا، ونتساءل بصدق: هل هذا هو الفن الذي نريده لأبنائنا؟ وهل هذه هي الصورة التي نريد تصديرها عن مصر؟ وإذا لم نتدارك الأمر الآن، فقد نجد أنفسنا في غد قريب نتساءل عن وطن لم نعد نعرف ملامحه، ولا نميز صوته وسط ضجيج الابتذال.

ويا تري إحنا رايحين على فين؟ السؤال ما زال قائما، والإجابة تبدأ بقرار من الأجهزة المعنية بالدولة للحفاظ على رسالة الفن السامية وصورة مصر في المحافل الدولية وحفاظاً على الأجيال الجديدة.. حفظ الله مصر

بقلم محمد إمام

[email protected]