"قـال يا مقـال"
محمد إمام يكتب .. ” السعادة قرار ”

الدنيا دنيا, كانت ولا زالت وستظل لا تساوي جناح بعوضة, نأتي اليها دون علم ونرحل عنها دون أن نعلم, نسير في رحابها فترة ليست بالطويلة ولا بالقصيرة, نتعلم ونتألم, نفرح ونحزن, نشقي ونسعد, نصح ونمرض, نكسب ونخسر, ننكسر ونجبر, بدايتها نقاء وآوسطها شقاء وآخرها فناء, كلنا مسيرون مخيرون, نسير وفق مشيئة المولي العلي القدير, لنا عقول نختار ما نشاء وقتما نريد, نزرع الخير فنجنيه خيراً, ونزرع الشر فنحصده شراً, نتعلم من الدنيا الخير والشر وكلاهما لا يستويان, نختار بإرادتنا الحرة من نحن ومن نكون, صالح أو طالح, سوي أم شقي, غني أو محروم, نعم هناك معوقات وظروف بيئية ومجتمعية وإقتصادية ولكن نحن من نختار أي طريق نسلك وأي درب نسير.
أمتلك من الدنيا ما شئت ولكن أعلم أنك ستخرج منها كما جئت, نعم المال رزق ولكنه ليس كل الرزق مالاً, الوطن الآمن رزق, الصحة رزق, الستر والبركة رزق, نعل والدك علي الباب رزق, حنان أمك رزق, الزوجة الصالحة والأولاد رزق, الأصدقاء الأوفياء رزق, ولكن للأسف لا نعي قيمة الصحة إلا بعد أن نمرض, ولا نعلم قيمة الأب والأم إلا بعد رحيلهما, ولا نقدر قيمة الستر وراحة البال, إلا بعد أن يرفع الله ستره عنا, نخشي القوي ونظلم الضعيف, نخاف الفظ الغليظ, ولا نعمل حساباً للطيب لين القلب.
لماذا يا هذا كل ذاك العذاب في دار المقر ونتناسي المستقر, تعلم أجتهد ثابر أصمد وأعمل, عش سعيداً فالسعادة قرار, أرض بما قسمه الله لك تكن أغني الناس, توكل علي الله وأعمل بالأسباب وسيأتيك رزقك المكتوب, عش دنياك كأنك خالداً فيها وأعمل لأخرتك كأنك تموت غداً, تفاءل بالخير تجده, لا تكن صلبا فتكسر وأيضاً لا تكن ليناً فتعصر, وأعلم جيداً أن السيرة أطول من العمر, وأن الرحمة والمحبة والخير والتسامح صفات ربانية إنسانية, من ثوابت الرسالات السماوية, لا بد وأن نعي سوياً حجم النعم التي لا حصر لها التي من الله بها علينا, وأن نفيق ونستفيق من السبات العميق في غياهب الدنيا قبل فوات الأوان.
بقلم محمد إمام