”قـال يا مـقال”
الكاتب الصحفي محمد إمام يكتب .. ”التريند السلبي”
أصبح جنون التريند هو الشغل الشاغل للجميع, والمحرك الرئيسي لجميع الفئات بداية من الأطفال سن 3 سنوات والمراهقين وكبار السن والسيدات, وبات لا صوت يعلو فوق صوت ركوب التريند, وخاصة بعد الأرقام الفلكية التي نسمعها وملايين الأخضر واليورو "وكله مستني ياخد دوره" ومع حلم المشاهدات وملايين "الفيوهات" والأمثلة والنماذج التي لا حصر لها الموجودة علي الساحة أمثال "حديده" وعامل النظافة " وغادة صوباع الخير جدا جدا جدا" وهيثم انتش وأجري" "ولوشا الثبات علي المبدأ" وساقطات الروتين اليومي, تلك الأفات التي أنتشرت علي الساحة مؤخراً دون سابق انذار أو رقيب باتت الملهم لجموع الشعب بعدما ظهرت عليهم نعمة دولار التيك توك ويورو اليوتيوب.
ومع التحول الكبير وملابس البراندات والسيارات الفارهة والشقق والفيلات ومغارة علي بابا التي فتحت أبوابها لمن لا يستحق, لأشخاص بدون أدني مؤهلات ولا أقصد هنا المؤهل الدراسي أو الشهادات الجامعية والماجيستير والدكتوراه بل مؤهلات المحتوي التي تؤهلهم بأن يكونوا المثل والقدوة لغيرهم من الشباب والبنات والشيوخ فعندما نشاهد محتوي حديدة ستجد أنه يتلخص في كلمة "بحبك يا دنيا" وهيثم مؤهلاته "ايتي مونتو أيتي شانتي ماي هورتي" لا تستعجب عزيزي القارئ فهذه هي كامل مؤهلاته, ولم يختلف الوضع لفتاة تدعي غادة سوي أن صوتها ذكوري وتخرج علينا في فديوهاتها لتقول "صوباع الخير جداً جداً جداً" وعامل النظافة الذي يدعي الآن في ظل حالة الغوغائية والعشوائية أنه فنان يتهافت عليه المعجبون لإلتقاط الصور التذكارية "لأنه نجم طبعا" ومع تأكيداته أنه سيقوم ببطولة مسلسل في رمضان وفيلم بعد العيد كما يدعي أيضا بإفتتاح مكتب لإكتشاف المواهب.
تلك الخلايا السرطانية وغيرها الكثير من التريند السلبي أخذت في طريقها أحلام وطموحات مجتمع بكامل فئاته وطوائفه وحولت دفة المستقبل من الاجتهاد والتعب والعلم للحصول علي فرصة في مستقبل أفضل بالكفاح والعمل, كما أنها سببا رئيسياً في ضياع أحلام من يستحق سواء كانت مواهب حقيقية تستحق الظهور وتصدر المشهد بفنها الحقيقي أو بحملة الماجيستير والدكتوراة وأصحاب الأبحاث التي تصنع الفارق والإكتشافات التي تغير وجهة المجتمع وتفيد البشرية, كما أنها سحبت البساط من تحت أقدام النماذج الحقيقية التي تستحق التريند أمثال الأطباء الذين ضحوا بأرواحهم في جائحة كورونا, الضباط والجنود الذين يحاربون الإهاب علي الحدود لحماية تراب الوطن والحفاظ علي المكتسبات, المعلم والقاضي والصحفي وضابط الشرطة وغيرهم من التريندات الإيجابية التي تحمي وتصون وتدافع وتبني, ولكن للأسف تصدر التريند السلبي للمشهد وكبر وترعرع في ظل غياب الرقابة وحالة الإنفلات التي تجتاح السوشيال ميديا, أطالب الأجهزة الرقابية والمصنفات, إحكام السيطرة للقضاء علي تلك الأفات للحفاظ علي أحلام ومستقبل الأجيال الجديدة .. والله من وراء القصد.
بقلم محمد إمام